للطوسي شروط ..

[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]


أذكر وتذكرون معي أن الجامعة الملكية لكرة القدم يوم قررت الإرتباط بالبلجيكي إيريك غيرتس، وقفت على بابه أسابيع كثيرة تنتظر إشارة منه، وأبقت الفريق الوطني رهينة لمدة تسعة أشهر إلى أن قرر الرجل الخروج من جبة الهلال السعودي ليصبح ناخبا ومدربا لأسود الأطلس، أبدا لم تشترط الجامعة شيئا، بل هي التي قبلت على مضض أو بصدر رحب، لا يهم، الشروط الثقيلة جدا والتي ضمنها محامي غيرتس العقد «الفريد» الذي ما زال كل المغاربة صغيرهم قبل كبيرهم يتوق لمعرفة ما كان في حواياه..


لم تضع الجامعة أهدافا ولم تنصب سياجا يقيها من شر لحظة يكون فيها لزاما أن يحصل الفراق والطلاق، بل إنها خضعت بالكامل لشروط غيرتس الأدبية والرياضية قبل المادية، بدليل أنها لم تنهر أمام قوة السياط وضغط الشارع وحافظت على سرية التعاقد فتسترت على الأرقام خضوعا لأحكام العقد..


الجامعة التي كانت ترى في تعاقدها مع غيرتس إستكمالا لمشروع حمل إسم «القطب التقني» وأبدا لم يتم تنزيل مضامينه، قمة الإحترافية، كيف لا، وهي تتعاقد مع مدرب «عالمي» وتمنحه لقاء ذلك راتبا يزيد بأربعة أضعاف عن أجر من سبقه من المدربين الأجانب، أبت إلا أن تأتي في تعاقدها مع الإطار المغربي رشيد الطوسي بما يناقض كليا ما أتت به لحظة الإرتباط بغيرتس.


قالت الجامعة أنها إختارت الطوسي لأنه لم يقدم شروطا وإنما قدم ضمانات للنجاح، وقالت أنها إنتقت الطوسي لأنه صاحب مشروع، ومن يقدم في العادة مشروعاً يضع شروطا لنجاح هذا المشروع، ومن شروط نجاح هذا المشروع أن يتطابق مع المرحلة، أن يصون كرامة الإطار التقني الوطني وأن يحترم الأساسات العلمية التي يقوم عليها العمل التقني الذي هو المرتكز الأساس في كل مشروع رياضي.


شخصيا أقدر أن يكون رشيد الطوسي قد إنفرد بخاصية ميزته عن زملائه الثلاثة، وهي أنه أبدى حماساً وشغفا كبيرين بقيادة الفريق الوطني في لحظة صعبة ودقيقة جداً، أقدر أن يكون الرجل قد عبر بطريقته عن طموح مهني ما من شك أنه كبر مع ما أنجزه هذه السنة وهو يحقق مع المغرب الفاسي الثلاثية الخالدة، ولكن سيكون من باب تسفيه الحقائق وضرب الإحترافية والكذب على المغاربة القول بأن الجامعة إختارت الطوسي لأنه لم تكن له شروط، ففي الأمر تقديح وتجريح وتضييع كامل للمهنية.


وأنا سأنوب هنا في الرد على الأعضاء الجامعيين الذين صرحوا أو لمحوا لهذا الذي قالوه وأكثرهم من أصدقائي، وأعتذر أن أفعل ذلك من دون ترخيص من الطوسي، لأنني غيور بالطبع أولا وبالتعبير الصريح ثانيا على الإطار التقني الوطني، لا أقبل على الإطلاق أن يهان أو يركب عليه، أو حتى ينظر إليه على أنه حائط قصير.


أن يكون رشيد الطوسي قد قبل بتدريب الفريق الوطني بلا قيد أو شرط معنوي، فهذا ما لم يفعله لوحده، لأن كل المدربين المغاربة مستعدون من هذه اللحظة لأن يهبوا لنجدة فريقهم الوطني من أي موقع ترتضيه مسؤولية الواجب ويقول به صوت الضمير الوطني.


أما أن لا يكون قد وضع للإرتباط في الجوهر شروطا فهذا باطل أريد به حقا، وهذا تنقيص من علمية الأشياء وتسفيه للمهنة..


لرشيد الطوسي عشرات الشروط التي يجب أن تلتزم الجامعة بتنفيذها، لأنها في واقع الأمر شروط النجاح، شروط الكرامة أكثر ما هي شروط الطوسي.


الشرط الأول أن يعامل رشيد الطوسي كما عومل سلفه المقال غيرتس، لا أقصد أن يعطى البطاقة البيضاء والتي هي من فنون الكلام الذي ليس هو أصل في الواقع، والتي بها جنى غيرتس على الفريق الوطني، ولا أقصد أن يترك بإسم الحيادية «المصطنعة» في المستنقع وحيدا يصارع المطبات، ولكن أقصد أن يمتع بالإحترام الذي يمنح الثقة في النفس وفي العمل.


الشرط الثاني أن يعمل رشيد الطوسي في إطار مشروع رياضي يضع هو ملامحه التقنية وتعمل الجامعة على تنزيله في إطار إستراتيجية تعمل على الأبعاد الثلاثة القريب والمتوسط والبعيد، وليس من المنطق إطلاقا أن يكون منتهى هذا المشروع هو مباراة الموزمبيق يوم 13 أكتوبر 2012، وإلا فلنقل علنا أن الطوسي جاء في إطار مهمة إنقاذ قد تكون إنتحارية.


الشرط الثالث أن يسند ظهر رشيد الطوسي بإدارة تقنية وطنية يتم تنزيلها بشكل علمي، يسمى أعضاؤها باتباع منهاج الدول الرائدة في هذا المجال وباعتماد الكفاءة والأهلية، إدارة تقنية وطنية تستطيع أن توثق كل ما سيأتي به الطوسي من عمل تقني وتتحالف معه في إطار إعادة بناء شخصية الفريق الوطني لإنتاج هوية كروية مغربية، نحن من عشنا لأكثر من خمسة عقود فاقدين للهوية.


الشرط الرابع أن تفصل الجامعة بفرض أنها هي المستأجر وأن رشيد الطوسي هو الأجير بين الوصاية التي تعني المصاحبة والمرافقة والدعم الكامل وبين الوصاية التي تفرض الإملاءات وحشر الأنف في كل كبيرة وصغيرة.


الشرط الخامس أن ترى الجامعة في الإطار رشيد الطوسي الربان الذي يستطيع أن يحرك المركب في الإتجاه الصحيح لينجح ورشا أظن أن رئيس الجامعة علي الفاسي الفهري أصبح متشائما منه، من فرط ما عرفه فيه من إخفاقات..


الشرط السادس أن تكون الجامعة قد توصلت فعلا إلى ما تعنيه المطابقة وهي تختار رشيد الطوسي مدربا وناخبا وطنيا برغم ما شاب الإختيار من نقص مهول في أدوات ومعايير الإختيار والمفاضلة، المطابقة التي تعترف بالكفاءة فالطوسي لم يأتها مستجديا حتى تقرر هي ما ستعطيه له من دعم ومن واجبات..


أما شرط الطوسي لنا بالدعم اللامحدود وبالتعبئة لإنجاح مشروعه فهو على العين والرأس بشرط أن لا يخذلنا نحن من إنتصبنا للدفاع عنه والإنتصار لكفاءته بتقديم التنازلات وعدم الثبات على المبادئ.